قال: (وقد يكون الرائي -الذي رأى الخضر- من أهل الدين والزهد والعبادة) أي: أنه ليس بكاذب أو فاجر، وإنما هو إنسان متصف بهذه الصفات، ولكن الشيطان احتال عليه بهذه الحيلة.
قال: (وقد جرى هذا لغير واحد، وتارة يرى عند قبر نبي أو غيره أن الميت قد خرج: إما من حجرته، وإما من قبره، وعانق ذلك الزائر وسلم عليه، ويكون شيطاناً قد تصور بصورته، وتارة يجيء من يجيء إلى قبر ذلك الشخص فيستأذنه في أشياء، أي: يسأله عن أمور، فيخاطبه شخص يراه، أو يسمع صوتاً، ويكون ذلك شيطاناً أضله)، وهذا مثل تحضير الأرواح، يقول أحدهم: لا يمكن أن هذا غير الولي فلان أو الشيخ فلان؛ لأنني سألته عن أمور ما كان معي أحد عندما خاطبته، ثم إني سألته عنه عند القبر فأجابني بصوته عن الشيء الذي لم يكن معنا أحد عندما تحدثنا به، فهذا دليل على أنه هو.
فنقول: هذا غير صحيح؛ لأن الشيطان يتلبس بصورته، ويقلد صوته، وأما قوله: لم يكن عندنا أحد؛ فإنه كما قال تعالى: (( إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ))[الأعراف:27]، فقد يكون هو والشيخ جالسين منفردين ومعهما مائة شيطان، أو ألف شيطان؛ وهما لا يعلمان، فيسمعون ما يقولان، ثم يذكرونه به فيما بعد.